الرئيسية » » الفرانكوا .. أحدث البدع العربية المهجنة

الفرانكوا .. أحدث البدع العربية المهجنة


        
         ليس هناك أدنى شك في أنه لا بد لكل حضارة وليدة أو تليدة أن تتأثر بحضارات ما قبلها أو ما بعدها , ولكن لا بد أن تتأثر بما هو جيد فقط وتطوره لتصل به قرب المثالية , لا أن تأخذ وتركز فقط أن تاخذ الأسوأ وتطوره ليصبح أكثر سوءاً .
       وهذه هي آفة من آفاتنا اليوم كعرب أو بالأخص كمصريين , أننا لا نأخذ من الغرب الذين سبقونا بآلاف السنين العلمية إلا كل سئ , حتى أصبحنا مخترقين إجتماعياً فأصبحت العلاقات الاجتماعية مفككة , وثقافياً فأصبحت ثقافتنا هشة , ودينياً فأصبحنا مشتتين دينياً . وعلى الرغم أن لدى الغرب الكثير لنقتبس منه ونطوره فيفيدنا , إلا إننا لا نأخذ عنهم إلا كل سوء , فمثلاً في مجال الموضة , رجت عاصفة الموضة أوصال الهوية العربية على مدار أكثر من 50 عاماً , فقد أصبح الكثير والكثير يبحث عن أحدث ما توصل إليه الغرب في مجال الموضة ليشتريه ويرتديه , حتى وإن كان لا يناسب ثقافتنا وأخلاقنا وهويتنا العربية , أنا لا أحارب الموضة ولست ضدها , ولكن إن أردنا أن نقلد فلنقلد فيما يناسبنا .
          ومن الموضة إلى اللغة , فعن اللغة يا ولدي في عصرنا حدث فلا حرج , فقد بثق لنا مصطلح غريب عجيب مريب يدعى الفرانكوا , عن معنى هذا المصطلح يمكن أن ننشد قصيدة ذم مكينة , فالفرانكوا هو - كما يقول المدّعون - : لغة جديدة أو لغة شبابية فرضتها ثقافة العصر الحالي , على الرُغم من أننا لو دققنا في الأمر لوجدنا أن لغة الفرانكوا نشأت كنتيجة متوقعة لسطو الثقافة الغربية على ثقافتنا , أنا لا أراها إلا هكذا , فنجد الشاب المتحدث باللغة الإنجليزية يرقق في صوته حتى يقارب تردد صوته تردد صوت المرأة , هل هذا يناسبنا ؟! , لا أظن ! .
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhs2PVYTVKhBpoWRTjq0K_EnkNyDnXQaUkZtQQtkBr_iAHefK8QlBbEeIJ1fhDXkY225P8HU5oPGwV7-sWdFyQZkf2f9XS1Ib3sX8OVgITAcOjA7m5KoIFj29nMflW_-sRrIUsRnVzeXUqN/
          وما يثير الشفقة ! , أننا الآن نجد الأشخاص المتحدثين بالإنجليزية الذين يتبعون كل كلمة عربية بنظيرتها الحقيرة الأجنبية يطالبون بتقليل مقررات اللغة العربية بل والبعض منهم يريد إلغاءها , هذا ما يريده الغرب نزع الهوية من قلوب العرب , ولكي أرد على من يقولون أن لغة العلم الآن هي الإنجليزية فلابد لنا من أن نرضخ إليها ونقحمها في حياتنا , تعالوا نتحدث عن مثال عربي بسيط , أطباء سوريا عندما أُصدر قرار بأن يتم تدريس الطب في سوريا باللغة العربية , هل تراجع مستوى الأطباء هناك ؟! , بالطبع لا ؛ فمازال الأطباء السوريون من أمهر الأطباء على مستوى العالم , أو هل نجد في ألمانيا يتم تدريس الطب أو سائر العلوم بغير الألمانية ؟! , أو في فرنسا , هل هناك مكان في فرنسا يدرس العلوم بغير الفرنسية ؟! . هذه مهاترات يقولها من في قلوبهم مرض , لغة العلم يمكن أن تُترجم , ونبتعد عن اللغة المرقعة التي تحدث عنها مصطفى صادق الرافعي رحمه الله ! .
          يا ليتنا نفيق من غفوتنا , فالغرب يسبقنا بآلاف السنين ومن بأيديهم أن يترجموا العلوم متخاذلين عن أداء واجبهم , فلدي سؤال أريد أن يجيبني عليه أساتذة الجامعات والعاملين بمراكز البحوث , بعد كل هذه السنين من التدريس لما لا نجد كتباً مترجمة للعربية بهذا القدر ؟! , فالكتب المترجمة نادرة ! , كيف هذا ؟! , هل لضعف الإمكانات ؟! , أم لأننا أصبحنا لا نفهم العلم إلا بلغته , وهذا شئ لا استسيغه تماماً . لست أجد حلاً أكثر تأثيراً من ذلك الحل ألا وهو : أن نعود نتمسك بلغتنا ونبدأ بترجمة العلوم وفهمها حتى نستطيع أن نجادل فيها ونضيف لها .
مصطفى سعدي
شارك الموضوع :
 
Copyright © 2011. المرجع TheRef - All Rights Reserved . جميع الحقوق محفوظة